التي ساهمت في تمزيق المسلمين وخلقت في داخلهم الحواجز النفسّية والفكرية التي تعمق الفواصل بينهم فنجد ان المسلمين قد ورثوا من التاريخ الكثير من الخلافات المذهبية في شؤون الخلافة والامامة وفي شؤون الفقه والشريعة وفي قضايا الفلسفة والكلام وفي جوانب الحكم والسياسة العامة، وقد كان لهذه الخلافات التاريخية دور كبير في إثارة الحقد والبغضاء والعداوة، ودور آخر في تفجير الحروب وفي اراقة الدماء البريئة الطاهرة، وذلك لأن صلتنا بتاريخنا الإسلامي أبعد من مُجرد التعرف على احداث الزمن الماضي، وأبعد أيضاً من أخذ التجارب واضافتها إلى المخزون الثقافي حيث ان تاريخنا الإسلامي بحكم اصالته وبفعل العوامل الخاصة التي ساهمت في تكوينه، قد أصبح إلى جنب القرآن والسنّة في تكوين الرؤى والمواقف، وصياغة الكثير من المعتقدات والمعارف، وهو لدى السواد الأعظم من الناس ممّن ليس لديهم صلة واعية بالقرآن الكريم والسنّة المطهّرة أكثر ثقلاً واعظم أثراً. وربما كان البعض من هؤلاء الذين يعيشون هذه الخلافات قد يدفعه الاخلاص للفكرة الخطأ إلى أن يقاتل بأسم الاخلاص والتدين لغفلتهم عن طبيعة الخطأ في فكرتهم وربما كان البعض منهم يقاتل بأسم المنافع والمغانم بعيداً عن أي ارتباط بالحق وبالاسم، ولكنّه يستغلهما من أجل مآربه. كما روي عن الامام علي(عليه السلام) في حديثه عن هذه الظاهرة وعن هذين النموذجين، فكان عليه السلام يطرح نموذج الخوارج الذين قاتلهم ونموذج معاوية الذي قاتله كان يقول: «لا تقاتلوا الخوارج من بعدي فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه» . كان الخوارج يعيشون الفكرة الخطأ ويُخيّل لهم أنها الحقيقة، لأنهم لم يستطيعوا