والإنسانية التي تحصل في حياة بعض الشعوب الإسلامية ثم لا شيء إلاّ بعض الاحتجاجات الطائرة والانفعالات الهادرة التي سرعان ما تذوب صرخاتها في الهواء. وقد يتساءل الباحث وهو يرصد هذه الظاهرة في حياة المسلمين بصورة عامّة يتساءل عن العوامل المؤثرة في ذلك. وقد يُفضّل البعض أن يُرجع ذلك إلى ضعف الإسلام في نفوس المسلمين الأمر الذي جعلهم يبتعدون عن الشعور العميق بالأُسس الفكريّة والروحيّة والشعوريّة التي توحدهم وتخلق في داخلهم الاحساس بعمق الوحدة المصيريّة التي تشدّهم إلى الواقع، ثم يضيف هذا البعض إلى ذلك أن هذه المشكلة (ضعف الإسلام في نفوس المسلمين) وان الحل الوحيد هو اعادة الإسلام إلى وعي المسلمين، فكراً وعاطفة وسلوكاً وإعادة المسلمين إلى الإسلام. إننا إذ نتوقف عند هذا الخط في عرض المشكلة أو هذا الاسلوب في طرح المشكلة وعرضها ومعالجتها، قد نوافق على طبيعة الفكرة ولكننا لا ننسجم مع الطبيعة السهلة المبسّطة لأسلوب الطرح والعلاج. فأن مواجهة المشاكل بهذه الطريقة على ما أظن سوف تبعدنا عن الدراسة الواعية للجذور العميقة التي ترتبط بها المشاكل وتبعدنا في الوقت نفسه عن فهم الواقع الموضوعي في نطاق الظروف الطبيعيّة المحيطة بالمشكلة والفكرة. ولعلّ الكثيرين منّا لايزالون يُعالجون القضايا المعقّدة بهذا اللون من التبسيط والسهولة، حتى يُخيّل للآخرين ان المشكلة لا تمثل مشكلة في حساب الواقع وانما تمثل شبح مشكلة، مما يبعدنا ذلك عن الشعور بالخطر وبالتالي عن التعامل مع الواقع من موقع الخطورة والحذر. إننا إذ نحاول من خلال هذه الدراسة أن نشير إلى بعض العوامل الموضوعيّة والمؤثرات الطبيعية