الغربية «قد عجزت من أن تشكل اتجاهاً ثقافياً متغرباً في الأُمة، وقادراً على اختراق الثقافة الإسلامية، كثقافة محلية أصيلة، لأغلبية افراد المجتمع»([91])، فبقيت الأكثرية الساحقة للشعب العراقي صامدة أمام الوباء الثقافي الغربي الذي استشرى في الأقلية التابعة، وذلك لفاعلية أمصال وعي الثقافة الإسلامية التي كانت متجذرة في النفوس ضد عوامل التغيير والانحراف. «اذن قيام النهضة الفكرية والثقافية في العراق قد استند بشكل اساسي إلى البنية الثقافية المحلية، المتكونة أصلاً عبر مراحل تأريخية، فان ثمة مؤثرات وعوامل خارجية قد لعبت دوراً مهماً في تطورها، وفي توسيع نطاق القضايا التي اهتمت بها. ففي مقابل ضآلة تأثره بالغرب وثقافته، تأثـَّر العراق بدرجة كبيرة من اتصالاته التقليدية بالهند وايران وتركية ومصر وبعض البلاد العربية الأخرى، وحيث كان لايران والهند بدرجة أقل وصحفها التأثير الاكبر على المسلمين الشيعة ومدنهم بوجه خاص، فإن تأثير مصر وسوريا وصحفها قد شمل المسلمين الشيعة والسنة على حد سواء، فكانت النجف وكربلاء كبغداد والموصل على اطلاع دائم بالصحف السورية والمصرية مثل العروة الوثقى والمقطم والمقتطف والمقتبس»([92]). ولكن التأثير الفعلي الذي خلفته الصحف الاخيرة قد اختلف في الاوساط العراقية، تبعاً لدور العلماء والمؤسسة الدينية لكل من الجماعتين الإسلاميتين السنية والشيعية وعلاقتهما بالسلطة، وتبعاً للتكوين الثقافي المتمايز لهما، فبينما بقي الشيعة على موقفهم المتصلب تجاه التيار الفكري الغربي، ورفض الاندماج بالدولة العثمانية