من مخاطر تغلغل الثقافة والحضارة الغربيتين ونظرياتهما المادية»([82]). وهذا الحديث يجرّنا إلى ان الحركة الاستعمارية لم تكن مجرد حركة سياسية - عسكرية، بل أنها حركة ثقافية - فكرية أيضاً «فان علماء الإسلام الذين تتوفر فيهم الكفاءة العلمية كانوا الأقدر على رد فلسفة الغرب المادية وكل ما يتضرع منها من أفكار ومواقف، ويمتاز علماء الإسلام عن المثقفين بالفكر الغربي، الذين تصدوا للاستعمار السياسي، بأن علماء الإسلام كانوا في صراعهم مع الغرب متفوقين عليه نفسياً، وكانوا يملكون الطرح البديل للحضارة الغربية، بينما المثقفون بالفكر الغربي لم يكن لديهم الطرح البديل، لأنهم بالاساس قد ارتضعوا من ثدي الغرب، وبالتالي كانوا مهزومين أمام رؤيته الفلسفية منذ البداية»([83]). وان المجابهة الفكرية مع الغرب «كوّن تيار مضاد استهدف حماية الأُمة من الأخطار الفكرية الخارجية هذا التيار نبع من أعماق الأُمة في محيط ذاتي لم تصل إليه أية يد أجنبية ولم تلوثه أية سياسة خارجية، منبع ذلك التيار كان ولايزال هي الجامعات العلمية الدينية، التي حافظت مدى القرون على رسالة الإسلام، من تلك الجامعات انطلق نداء الجهاد الشامل ضد الاستعمار الغربي وتياراته الفكرية والسياسية الغازية، هذا النداء الأصيل تصدّى للتيار الغربي، وشق في المجتمع الإسلامي حركة فكرية - سياسية مناهضة للحركة الغربية في كل الوسائل والاهداف والغايات»([84]). الوعي السياسي والنبوغ الفكري، دعامتان اساسيتان كانتا يستند عليهما بعض