عن الحكام والسلاطين على طول الخط، فإن الشعب الإيراني والعراقي قد انتفض تحت القيادة المرجعية الدينية للتصدي للاستعمار الأجنبي رغم أن حكام البلدين كانوا يتعاونون مع الغرب المستعمر، ولهذا السبب قام الشعب العماني والليبي والمغربي والجزائري ضد الغزو البريطاني والايطالي والاسباني والفرنسي تحت قيادات دينية مستقلة عن الحكم العثماني»([81]). ومن خلال سرد هذه المعلومات نستنتج ان ثمة فروق أساسية بين المؤسستين الدينيتين الشيعية والسنية تجاه تعاطيهما بشأن الاحداث التي عصفت بالأمة الإسلامية، وان هنالك عدداً من العوامل والمؤثرات، شكلت أحد مظاهر تمايز المؤسسة الدينية الشيعية عن المؤسسة الدينية السنية في العراق آنذاك. ان الحركات الإسلامية التي انطلقت من الجامعات الدينية لدى الشيعة ضد الاستعمار الغربي كانت أكثر تكاملاً وتجذراً من الحركات التي أفرزتها الجامعات الدينية لدى السنة، ويرجع ذلك إلى جذور تاريخية ومذهبية، فمن الناحية التاريخية يعتبر المذهب الشيعي الخط المعارض للحكام المستبدين على طول التأريخ الإسلامي، منذ أن اعتلى الخلافة معاوية وآل أمية ثم استمروا على نفس الخط المعارض في عهد بني العباس وآل عثمان وحتى اليوم. ومن هنا فإن الثورة أمر طبيعي لدى الشيعة، لأنهم بالأصل قد تصلب عودهم في المعارك، وتبلورت روحياتهم في أتون الثورات، واصطبغ تاريخهم بالدم والشهادة، عكس علماء السنة الذين يمثلون خط الموالاة للحكام.