علماء الدين الشيعة والسنة الأعاظم من الفقهاء والمفسرين، الذين ألّفوا في هذه المجالات وظلت كتبهم تدرس في الحلقات الدينية العليا، وفي تفسيره لأسباب هذه النهضة الثقافية الأدبية وتقدمها، يرى البصير أنها تعود لاستمرار الثقافة الإسلامية العربية في العراق، منذ نهاية الدولة العباسية، التي ظلت قائمة في أروقة المساجد وحلقات المدارس الدينية، ولاسيما في منطقة الفرات الأوسط، حيث كانت الحلة مركز نهضة ثقافية عظيمة منذ أوائل القرن السادس للهجرة، ثم انتقلت إلى كربلاء في أوائل القرن العاشر للهجرة، وبعدها انتقلت إلى النجف، ويخلص البصير من ذلك إلى الاستنتاج، بأن هذه الحركة - النهضة لم تبلغ في وقت من الأوقات ما بلغت من النمو والانتشار في القرن الماضي، حيث كان ازدهارها على وجه التقريب عاماً، لأنه شمل بغداد والنجف وكربلاء والكاظمية وسامراء والموصل في وقت واحد. والملاحظ أن المدن المقدسة هي محور التحرك الديني والثقافي في العراق، وان بروز مدينة - بالإضافة إلى قداستها الدينية والمعنوية - في فترة من الزمان دون غيرها في النهضة العلمية أو التحرك. فمثلاً في زمن العلامة الحلي، فإن مدينة الحلة برزت كمركز إشعاع علمي هام في الأُمة الإسلامية. والنجف الأشرف ازدهرت سياسياً وعلمياً عندما كانت تحتضن الشيخ الآخوند الخراساني زعيم ثورة المشروطة وبعض الأقطاب البارزين في ثورة العشرين أمثال السيد الحبوبي والسيد هبة الدين الشهرستاني وغيرهم. والجدير ذكره ان النجف تعد من مراكز الإشعاع الفكرية المهمة في العالم الإسلامي، لاحتضانها الحوزة العلمية العريقة التي مضى على تأسيسها أكثر من ألف عام. أما كربلاء فإنها ازدهرت علمياً وسياسياً بعد أن انتقل إليها الشيخ محمد