وانتفضت الأُمة وبعد إصدار الفتاوي الشرعية، انتفضت المدن والقرى العراقية عن بكرة أبيها، ولاسيما المدن المقدسة، ومناطق العشائر في الفرات الأوسط والجنوبي، فمن مدينة النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء، انطلقت الفتوى الشرعية بوجوب الدفاع عن بيضة الإسلام المهددة بحراب الصليبية القادمة من أرض الضباب، وأخذ بعض العلماء المجاهدين على عاتقهم إيصال نداء الجهاد الذي انطلق من حناجر مراجع الدين في العتبات المقدسة إلى سائر نقاط العراق. المراجع كلهم أفتوا بالجهاد، بدءاً بالسيد محمد كاظم اليزدي ومروراً بالشيخ محمد تقي الشيرازي وانتهاءً بشيخ الشريعة الأصفهاني، الذين تقلدوا المرجعية العليا للشيعة على التوالي منذ بدء الاحتلال حتى زمن الانتداب البريطاني على العراق. انطلقت طلائع الجهاد زرافات ووحدانا «ففي النجف الأشرف برز نجم العلامة السيد محمد سعيد الحبوبي الذيم كان أشد العلماء تحمساً لحرب الانجليز، وصدهم عن العراق، فلم يقصر جهوده في مدينة النجف، بل أخذ يتجوَّل في المناطق العشائرية، يدعو المسلمين للجهاد، ومحاربة الكفار، ومعاونة الحكومة التركية في هذه الحرب الدينية المقدسة. كما كان موضع إعجاب الزعماء والرؤساء لثقافته ولباقته، ورغم ان أكثر الزعماء والرؤساء كانوا لا يرغبون في معاونة الأتراك. لما كانوا يلاقونه منهم من قسوة وخشونة وظلم وكثرة الضرائب، فقد تمكن من إقناعهم وموافقتهم على الاشتراك بعشائرهم وأتباعهم بهذه الحرب، والتأهب