ـ(99)ـ وإذا شئنا بعد هاتين المقدمتين ان نستعرض مجالات التوازن نجدها مجالات تصورية وتشريعية. التوازن في التصور الإسلامي عن الواقع: ان الإسلام يحاول ان يغير الوجود الإنساني إلى الشكل المراد، فيبني التشريع على أساس تصوري محكم حدد لـه فيه موقعه من التشكيلة الكونية ليكون على هدى من أمره: ?قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ?(1). وهانحن نشير إلى جوانب من تلك الصورة التي رسمها عن الواقع، فيقول تعالى عن: 1 ـ التوازن الكوني: ?إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ?(2). ويقول عز وجل: ?وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ?(3). 2 ـ التوازن بين الإطلاق في المشيئة الإلهية:?إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ?(4). والثبات في القوانين الكونية: ?لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ?(5). ?وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا? (6). 3 ـ التوازن بين الإرادة الإلهية المطلقة والإرادة الإنسانية المحدودة التي حصلت بمشيئة الله: ?وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا _ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا _ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا _ وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا?(7). 4 ـ التوازن بين الرحمة الواسعة والعقوبة الشديدة يقول تعالى: ? نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ _وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ? (8). فإن تصور الرحمة الواسعة يبعث في الإنسان أملا واسعا دافعاً نحو العمل، وتصور العقوبة الشديدة يمنع ذلك الأمل من الانقلاب على هدفه ويضبطه