ـ(257)ـ ليست بالبعيدة أو عسيرة التحقيق لو ان كل فرد أو جماعة من المسلمين تشبعوا بالمبادئ الإسلامية وعملوا بمقتضى تعاليم هذا الدين وبذلوا الجهود الكافية للدعوة لـه واستدعوا لهذه الدعوة ووفروا لنجاحها الإمكانيات. ان الإسلام جاء لضرورة عالمية ملحة وقد حقق هذه الضرورة، فقد تكفل بهداية الإنسانية جمعاء، وأرضى ضمير الإنسان وروحه، ولبى مطلبه في العقيدة والإيمان، ورسم الطريق لبناء مجتمع عالمي يقوم على أسس من العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وعالج ما كانت قد تردت فيه الإنسانية قبله من أخطاء وقضى على ما كانت تتخبط فيه من شرور. دلالة معنى العالمية وبعد ان اتضحت لنا أبعاد العالمية نقول: الإسلام منذ تفجرت ينابيع دعوته في الجزيرة العربية وهو دين التوحيد والتنزيه، غير ان في الإسلام خصائص موضوعية وأصولا أخرى تضاف إلى عقيدة التوحيد والتنزية. الإسلام في عالميته الإنسانية أو إنسانيته العالمية كان شيئاً معجزا لم تعرفه الأديان ولا المذاهب ـ من قبل ـ. كان أول ما في الإسلام حين دعا إلى التوحيد أن دعوة التوحيد في الإسلام لم تكن مسائل غيبية ومتاهات ميتافيزيقية وإنّما قامت دعوة التوحيد على توحيد الإنسانية كلها في حقوق واحدة، وتوحيدها في هداية واحدة وتوحيدها في إيمان بإله واحد لا اله إلا هو ولا رب لكل البشر سواه يتساوى الناس جميعاً بين يديه ولا يتمايزون إلا بمقدار ما يقدمون للإنسانية من خير وسلام، ولا يتحقق