ـ(255)ـ أخرى ذات صلة باحتياجات وضرورات الإنسانية المتشعبة وكان الإسلام ومازال دينا متميزا عما سواه من الأديان. ومن الخطر كل الخطر ان ننظر إلى ما سنّه الإسلام من قوانين تنظم حياة البشر من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية دون ان نراعي الناحية الأخلاقية فيه، وهنا أيضاً لابد وان نضع في اعتبارنا حقيقة وجود الله وما أعده لنا من ثواب وعقاب لا على كل ما نعمله فحسب بل أيضاً على ما توسوس لنا به أنفسنا وما تهجس به ضمائرنا. إذن فالإسلام في حقيقته ليس إلا إيمانا خاصا حيا متجددا مع كل لحظة من لحظات الزمن في قلب كل فرد مسلم. ونعود فنقول أربعة عشر قرناً من الزمان كانت فيها التعاليم الإسلامية هي الدافع الأقوى في ديناميكية التطور الحضاري الإنساني مادامت هذه التعاليم محل اعتبار من الإنسان. كما ظلت العقيدة الإسلامية من حيث التعريف بذات الله وصفات العظمة والجلال والكمال فيه تريح روح الإنسان وتملأ شعوره بالإيمان الواثق المطمئن. وإذا كان الإنسان قد ظل طوال تاريخه في هذا الوجود قلقاً شقياً يبحث عن راحة الضمير في الإيمان، وعن أمان النفس في العدل والحرية، فإن الإسلام قد أتاح للإنسان حلاً لمشاكله وأتاح لـه على نطاق واسع كل ما كان ينشده ويبحث عنه حيث أعطاه ثلاثة أمور جوهرية: أولها: تفسير روحي لحقيقة العالم. وثانياً: تحرير روحي لذات الفرد. وثالثها: نظام من المبادئ العالمية توجه تطور المجتمع الإنساني على صعيد روحي ومادي معاً. وأيضاً فقد كان نجاح الإسلام شاملاً ومثيراً معاً، وحيث لم يكن نجاحاً قومياً ولا عنصريا وإنّما كان نجاح الإسلام الخلاق المسؤول. والمجتمع الإسلامي والحضارة الإسلامية لم يبنيا على الجهود العربية وحدها ـ وربما كان المجهود