ـ(254)ـ كل تقدم بل وتقوده وتبعث فيه كل عوامل الخلق والإبداع من أجل غد يحفظ للإنسانية كل مظاهر التكريم الإنساني والانطلاق نحو خير الإنسان وسعادته. العالمية في الإسلام قبل ان نلحظ مغزى ومصاديق العالمية في رسالة الإسلام نتبيّن ملامح هذه العالمية: لقد سلخ الإسلام حتى اليوم أربعة عشر قرنا من التاريخ، وليس ثمة أحد يستطيع ان ينكر ان التعاليم الإسلامية قد نجحت في تأسيس مجتمع إسلامي بحت. وإذا كان الإسلام قد أثبت جدارته وصلاحيته كعقيدة دينية تزايد معتنقوها ـ على نحو لم يسبق لـه نظير ـ حتى اندرج في عقدها معظم سكان العالم في ذلك الوقت، فانه نجح أيضاً كنظام اجتماعي لـه قوانينه الصالحة ومبادئه الأخلاقية المثالية وبفضل هذه القوانين والمبادئ تحقق للإسلام هذا النجاح. وإذا كانت الدعوة إلى الإسلام قد قامت أساساً على مبدأ ?لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ? فإنه من الأسف ان ينسب انتشار الإسلام إلى عامل ما غير ذي صلة بعامل الإقناع. وإنّما كانت عملية الإقناع نفسها مستحيلة إذا لم تتوفر للداعية الإسلامي كافة الظروف والضمانات التي تكفل لـه القيام بمهمته في حرية وبلا قيد. وفي الحقيقة ان الإسلام ليس فقط كغيره مما سبقه من الأديان، ولكنه شيء أوسع واشمل. ولأول مرة أيضاً أعطى الله الإنسان صورة تامة ونهائية عن الطريقة المثلى التي ينبغي ان يكون عليها سلوكه على الأرض، فجاءت رسالة الله في الإسلام تامة وشاملة فهي من ناحية مفتوحة على عظمة الله التي لاتحد وهي من ناحية