ـ(252)ـ الإيجابية في تعاليم الإسلام لكي نعرف هدف الرسالة الإسلامية في حياة الإنسان علينا ان نفهم معنى الإيجابية في تعاليم الإسلام: فالإنسان الذي صنعه الإسلام للحياة هو مثالاً للتقدم ونموذجاً لفدائية الإرادة الإنسانية وهو ذلك الفرد الإيجابي الذي يربط وجوده بمجتمعه ولا تعزله عنه أنانية أو ذاتية خاصة تحجب إمكانياته أو تبعده عن أداء ما يمكن ان يوكل إليه القيام به في خدمة مجتمع يهدف الإسلام دائماً إلى ترقّيه وتقدمه استجابة لسنة التطور وإيماناً بأن طريق الحياة منطلق إلى كل جديد من أجل خير الإنسانية ورخائها وإشاعة السلام واستقراره(1). وإيجابية إنسان الإسلام حين لا يعزل نفسه عن واقع الحياة والانخراط فيها لا تعرف الكينونة المستقلة ولا الانطلاق الفردي الطائش وأيضاً ولا الموقف الجامد الذي يعبر عن صلف وغباء، أو الموقف الهزيل الذي يفصح عن نكوص الفرد وتهربه من تحمل عبء دور يوكل إليه تجاه ما يجري حوله وإنّما إنسان الإسلام فرد في مجموع كبير هو الحياة كلها. ولا إيمان لإنسان الإسلام بما يقدم من جهد أو طاقة إلا ان يكون في خير هذا المجموع وهذا الأساس السلوكي في عقيدة المسلم وتربية الإسلام لأبنائه مستمد أصلاً من عقيدته الدينية بكل مكوناتها وشمولها حين عرف المسلم ان كل الأفعال إنّما تتجه إلى اله واحد يحاسب على الخير والشر وحين آمن المسلم ان الإسلام يربط أفراده جميعا في وحدة عالمية بعقيدة واحدة تتجه ومكوناتها إلى فاعلها الأول ومبدعها الخلاق ________________________________ 1 ـ الإسلام والتمييز العنصري، صلاح الدين الأيوبي، دار الأندلس، ط 2، 1401 هـ، ص 160 وما بعدها.