ـ(210)ـ فقال: (يا معشر المسلمين! الله الله، ابدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد ان هداكم الله للإسلام... وألف بين قلوبكم)،(1) فشعروا بالخطأ الفادح الذي ارتكبوه، فبكوا وعانق بعضهم بعضا، وعادوا إلى الأواصر الواحدة في وحدة الانتماء والولاء للإسلام ولرسوله. وحينما تشاجر أحد المهاجرين مع أنصاري وتطور الأمر، بصراخ المهاجر (يا معشر المهاجرين) وصراخ الأنصاري (يا معشر الأنصار)، وتحريض من المنافقين، أذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالرحيل فسار بالمسلمين نهار ذلك اليوم والليل كله ونهار اليوم الثاني ليشغل المسلمين عن الحدث الذي وقع(2). ورفض صلى الله عليه وآله وسلم الاستجابة لطلب أحد المهاجرين بقتل رأس الفتنة عبدالله بن أبي سلول، مراعياً مشاعر المسلمين من عشيرته، وما يكنون لـه من حب باعتباره كان رأسا عليهم في الجاهلية، وترك الأمر لعشيرته حيث بدأت ـ انطلاقاً من الانتماء والولاء الأساسي للإسلام ولرسوله ـ تؤنبه وتتابع خطواته وتحجم من نشاطه، وقد اثبت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لذلك المهاجر صحة رأيه ـ أي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ وقال لـه: (أما والله لو قتلته يوم قلت لي اقتله لا رعدت لـه أنف، لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته)(3). وحينما طلب عبدالله بن عبدالله بن أبي سلول من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قتل أبيه بنفسه، رفض صلى الله عليه وآله وسلم ذلك الطلب، وان كان معبراًِ عن تقديم الولاء الأساسي على الولاء الثانوي، إلا أنه صلى الله عليه وآله وسلم بقي مراعياً لهذا الانتماء ما دام الناس حديثي عهد ________________________________ 1 ـ السيرة النبوية لابن هشام 2: 205. 2 ـ السيرة النبوية لابن هشام 3: 303، 304. 3 ـ م. ن 3: 305.