ـ(208)ـ للانتماءات والولاءات المتعددة، ما دامت لا تصطدم بمبادئ الإسلام الأساسية، وما دامت موافقة لمصلحة الإسلام والمسلمين. وفي جميع الغزوات التي قادها اسند قيادة الجيش في رتبها المختلفة إلى الوجوه البارزة، كل على قبيلته أو جماعته، زيادة في الأنس والتآزر والتكاتف مع توجيه أنظارهم إلى الروابط الأساسية والولاء الأساسي لله ولرسوله وللمؤمنين(1). خطوات عملية في التوازن مع مراعاة خصوصية الانتماء والولاء وما يترتب عليها من علاقات وارتباطات ومواقف كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوجه الأنظار والعواطف والمواقف إلى الأفق الأوسع والمدار الأرحب في الانتماء والولاء، ويوازن بين الخاص والعام والمحدود والمطلق، فلا يطغى جانب على آخر، لأن الاقتصار على الانتماء والولاء المحدود قد تؤدي إلى حدوث اضطراب في العلاقات أحياناً بسبب سوء الفهم والإدراك، وكذلك الاقتصار على الانتماء والولاء المطلق للإسلام وإلغاء سائر الانتماءات والولاءات التي يؤدي إلى الاضطراب لعدم مراعاة الروابط والعلاقات الخاصة، فالتوازن هو أفضل الأساليب في إنجاح المسيرة الإسلامية وقربها من تحقيق الأهداف وتنفيذ الأعمال والمشاريع. وكان صلى الله عليه وآله وسلم يستثمر الفرص للتوازن بين الأساسي والثانوي في الانتماء والولاء، ويكرّس علاقات الإخاء والتآزر والتعاون بين الأفراد والجماعات والكيانات والانتماءات، فحينما سمع ببكاء أهل المدينة على شهدائهم، وجههم ________________________________ 1 ـ السيرة النبوية لابن هشام 4: 205 وما بعدها.