ـ(207)ـ وحينما حفر المسلمون الخندق كان صلى الله عليه وآله وسلم يمدح المهاجرين والأنصار على حد سواء، ويقول: (اللهم أرحم المهاجرين والأنصار). ولما أشار سلمان عليه صلى الله عليه وآله وسلم بحفر الخندق قال المهاجرون: سلمان منا، وقالت الأنصار: سلمان منا ؛ فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالقول: (سلمان منا أهل البيت)(1)، فأضاف انتماءاً ثانوياً آخر وهو أهل البيت. خامساً: مراعاة الانتماء والولاء الثانوي في إسناد المناصب والمهام راعى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الانتماء والولاء الثانوي في إسناد المناصب، فكان ينصّب شخصاً من الأنصار على المدينة حينما يخرج منها، فقد استخلف سعد بن عبادة وسعد بن معاذ وأبا لبابة وسباع بن عرفطة الغفاري وآخرين وجميعهم من الأنصار(2)، ولم يستخلف أحدا من المهاجرين إلا في حالات خاصة. وحينما طلب الاوس منه صلى الله عليه وآله وسلم القيام بمهمة قتل كعب بن الاشرف سمح لهم، وقاموا بالأمر بنجاح، فقالت الخزرج: والله لا يذهبون بها علينا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فدفعتهم خصوصيتهم الانتمائية إلى ذلك، فسمح لهم صلى الله عليه وآله وسلم بالقيام بمهمة مشابهة لما قام به الاوس(3). وحينما فتح مكة عيّن واليا من قريش عليها، ولم يعيّن والياً من الأنصار، وحينما خضعت الجزيرة العربية لـه ودخل الناس في دين الله أفواجا وجاءته وفود القبائل، جعل كل رئيس قبيلة على منصبه ولم يستبدل أحدهم بالآخر مراعاة ________________________________ 1 ـ السيرة النبوية 3: 235. 2 ـ الكامل في التاريخ 2: 111، 112، 138، 216. 3 ـ م. ن 2: 146.