ـ(188)ـ فكرة الجماعة توجدها أجواء الأبوة في الأسرة، فإذا فُقد الأب تلاشت فكرة الجماعة وظهرت فكرة الصراع بدلاً عنها. وهكذا الأمر في المجتمع الذي آمن بأبوة السماء والمجتمع الذي أنكر هذه الأبوة، ففكرة الجماعة وفكرة الصراع فكرتان تمثلان مجتمعين متناقضين. أولهما المجتمع الديني وثانيهما المجتمع المادي، وهذا ما عبّر القرآن الكريم عنه بقوله تعالى: ?وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ?(1). فالمجتمع المادي عاجز عن الوصول إلى حالة جماعية بالمعنى التام لها، والمجتمع الديني هو المؤهل لبلوغ هذه الحالة إذا ما أتقن باقي الشروط والأسباب. هذا هو الأساس الذي يقوم عليه الاتجاه الجماعي في الإسلام والذي يعبرعن نفسه في الميدان العبادي من خلال صلاة الجماعة والتأكيد المتزايد عليها وفي الميدان السياسي بالتوصيات النبوية القائلة: «من خلع جماعة المسلمين قدر شبر خلع ربقة الإيمان من عنقه»(2). وفي الميدان الاجتماعي بالدعوة إلى الاهتمام بأمور المسلمين والسعي في قضاء حوائج المؤمنين وحث الفرد على مواصلة المنقطعين عنه والعفو عن المقصرين بحقه. يقول المفكر الإسلامي الكبير السيد الشهيد الصدر رضى الله عنه : (ونتيجة لشعور الإنسان المسلم بتحديد داخلي يقوم على أساس أخلاقي لصالح الجماعة التي يعيش ضمنها يحسّ بارتباط عميق بالجماعة التي ينتسب إليها وانسجام ________________________________ 1 ـ سورة الأنفال: 63. 2 ـ المجلسي، محمد باقر، ج 2 ص 266.