ـ(181)ـ ولا تعرف الحدود القومية والإقليمية لأنها مساواة ربّ العالمين الذي خلق الجميع ونسبة الجميع إليه واحدة، ولا تتفاوت عنده الأجناس والقوميات والوطنيات والأفراد، وليست هي مساواة فـرد جعل انتماءه القومي والوطني محوراً لشخصيته فكانت المساواة بالنسبة إليه نسبية خاصّة بالمشاركين لـه في هذا الانتماء. ثم ان المساواة في الإسلام تستند إلى قاعدة أيديولوجية تدعمها بضمانات روحية وثقافية وتربوية بما يجعلها ذات زخم وفاعلية ومصداقية، فهي انعكاس تشريعي طبيعي لوحدة الخالق ووحدة المنشأ الإنساني في التصور الإسلامي، فأفراد الإنسانية متساوون لا لأن المساواة أمر محبّذ، وإنّما لأنهم ينتسبون لخالق واحد خلقهم من منشأ واحد هو التراب، وقد أمرهم بالمساواة ودعاهم إلى المحبة وسيعودون إليه وسيحاسبهم في ذلك، وكل ذلك يجعل المساواة محاطة بأجواء روحية وثقافية وتربوية تؤكدها وتعمقها وتزيدها زخماً وفاعلية. 2 ـ الاخوة العامة تنتسب البشرية برمتها في التصور الديني المؤكد عبر الرسالات السماوية المتتالية إلى أب واحد هو آدم عليه السلام وأم واحدة هي حواء، وهذا ما ينشأ عنه أخوّة عامة بين أفراد البشرية كافة، وصيرورة البشرية كلها أسرة واحدة. والمجتمع الإسلامي يرتكز على نوعين من الاخوة: أ ـ الاخوة البشرية العامة. ب ـ الاخوة الإيمانية التي عبّر عنها القرآن الكريم بقول: ?إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ?(1). _____________________________________ 1 ـ سورة الحجرات : 10.