ـ(180)ـ 1 ـ مبدأ المساواة فالمجمتع الإسلامي يقوم على قاعدة المساواة في الأحكام والحقوق والواجبات بين أفراده وقد أعلن هذه القاعدة يوم كان المجتمع الجاهلـي يهزأ بالمساواة ويقول: «الناس سواسية كأسنان الحمار». فقال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: «الناس سواسية كأسنان المشط». وطيلة العصر الإسلامي الذي يسميه الغرب بالقرون الوسطى أو العصور المظلمة كان الإسلام يحمل شعار المساواة ويدفع الناس باتجاه التطبيق. حتى جاءت الثورة الفرنسية فجعلت المساواة ركنا من أركانها. وفي عام 1947 أصدرت الأمم المتحدة إعلانها العالمي لحقوق الإنسان وجعلت المساواة من جملة بنوده. ان الفرق بين مناداة الإسلام بالمساواة ومناداة النظم الوضعية بها فرق جوهري يعود إلى منشأ كل منهما باعتبار ان كل نظام محكوم بخصائص واضعيه. فالإنسان الذي ينادي بالمساواة من خلال النظم الوضعية التي ينشئها إنّما يقصدها في الدائرة المحلية التي ينتمي إليها كالدائرة القومية أو الوطنية: ولا يجد مبرراً للمناداة بها خارج هذه الدائرة، فالمساواة هي ما يكون بين أفراد الجنس أو القومية أو الوطنية الواحدة، والى هذه اللحظة لا زالت المشاعر العنصرية في أوروبا وأمريكا تجاه الملوّنين أو الأجانب المقيمين هناك متأججة. ثم ان المساواة في النظم الوضعية مبدأ مدني صرف وليس جزءاً من أيديولوجية متكاملة تمنحه زخما وفاعلية من خلال ما تنطوي عليه من جوانب تربوية وبرامج ثقافية. بينما المساواة في الإسلام، مساواة مطلقة تتحرك في الدائرة الإنسانية الكبيرة