ـ(175)ـ 2 ـ ذم التكبر ومقدماته من العجب والغرور عرّف الغرور بأنه «سكون النفس إلى ما يوافق الهوى ويميل إليه الطبع عن شبهة وخدعة من الشيطان». وعرّف العجب بأنه: «استعظام النفس لأجل ما يرى لها من صفة كمال سواء كانت واقعاً أم لا». وعرّف التكبر بأنه: «الركون إلى رؤية النفس فوق الغير»(1). وإذا ما نظرنا في هذه التعاريف وقارنا بينها وجدنا الغرور بمثابة المقدمة للعجب، والعجب بمثابة المقدمة للتكبر، وان التكبر مرحلة أخيرة ناشئة عن العجب والغرور. لأن رؤية النفس فوق الغير تبتني على استعظام النفس، واستعظام النفس يتطلب موافقة الهوى على رؤية اللاشيء شيئاً، والشيء الصغير كبيراً. وقد شنت النصوص الإسلامية حملة شديدة ضد التكبر وأوده القرآن بصيغ مختلفة في أكثر من 57 مورداً، في 48 مورداً منها استعمله بصيغة «استكبار» وفي ثمانية موارد بصيغة «تكبر» وفي مورد واحد بصيغة «كبر»، والصيغتان الأوليتان استعملهما القرآن الكريم في موارد التعبير عن التكبر على الله وأنبياءه ورسالاته السماوية، والصيغة الثالثة ذات المورد الواحد استعملها للتعبير عن تكبر الإنسان على أخيه الإنسان وذلك قوله تعالى: ?إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ?(2). والمقصود ان أعداء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ينطلقون في عدائهم لـه من التكبر عليه. إن التكبر يكشف عن ميل مفرط لتأكيد الذات ولو تشبثنا بالمغالطة والخيالات النفسية المحضة التي لا واقع من ورائها، وبالتالي فهو أنانية متضخمة وقد رأينا قبل _____________________________________ 1 ـ النراقي، محمد مهدي، مصدر سابق، ج 1 ص 321، 344، و ج 3 ص 3. 2 ـ سورة غافر : 56.