ـ(174)ـ حتى نحر غالب مائة ناقة فعجز سحيم عن ذلك وكان زمن مجاعة فجاء إليه قومه يقولون لـه جريت علينا عار الدهر هلاّ نحرت مثلما نحر غالب فاعتذر أن ابله كانت غائبة ونحر نحو 300 ناقة، فجاء الناس يسألون الإمام عليه السلام عن حكم هذه اللحوم التي ملأت الأزقة فقال: «انها مما أهل لغير الله» فأكلتها الحيوانات(1). وقرأ أمير المؤمنين عليه السلام يوم ? أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ _ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ?(2) ثم قال: «يا لـه مراماً ما أبعده وزوراً ما أغفله وخطراً ما أفضعه... أفبمصارع آباءهم يفخرون أم بعديد الهلكى يتكاثرون... ولأن يكونوا عبراً أحق من أن يكونوا مفتخراً ولا يهبطوا بهم جناب ذلة أحجى من أن يقوموا بهم مقام عزة...»(3). ومن هنا عُرّف الفخر في المصادر الأخلاقية بأنه: «المباهاة باللسان بما توهمه كمالاً(4). فالفخر لا يقوم على حقيقة وإنّما على وهم، فإن كان الإنسان يفخر بأحساب وأنساب فهو افتخار بوهم لان الإنسان يقاس بعمله والنسب أمر قهري تكويني لا اختيار للإنسان فيه، وان كان الفخر بفضائل وقيم معنوية فالافتخار لا ينسجم معها بل يبطلها ويتناقض معها، فقد مرّ بنا ان الفضيلة هي رعاية حقوق ومصالح «الآخر» وايثارها على «الأنا» والفخر يعني تأكيد «الأنا» وتقويتها وإغفال «الآخر» أو الإقلال من شأنه، وان كان الفخر بمنجزات مادية فهي من عطاء الله سبحانه ومنحه وليست نتائج خالصة لأعمال الإنسان وتدابيره. _____________________________________ 1 ـ الآلوسي، محمود شكري، مصدر سابق، ج 3، ص 30. 2 ـ سورة التكاثر: 1 ـ 2. 3 ـ نهج البلاغة ص 338. تنظيم: صبحي الصالح. 4 ـ النراقي، محمد مهدي، مصدر سابق، 1 : 363.