ـ(171)ـ عند الله أتقاكم ليس لعربي على عجمي فضل إلاّ بالتقوى»(1). الأبعاد العالمية في الأخلاق الإسلامية تحضى المسألة الأخلاقية باهتمام واسع النطاق في الإسلام، بل الإسلام في جوهره مسألة أخلاقية بالمفهوم الحيوي لا الانعزالي للأخلاق، يظهر ذلك من التأمل في برامج الإسلام السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والقضائية التي تنبع من روح أخلاقية. فإذا كانت الأخلاق تعني رعاية حقوق الآخرين بل ايثار «الآخر» على «الأنا» فإن هذا المعنى لا يمكن أن يتحقق إلاّ في ظل الدين الذي يجعل عالم الغيب محور الوجود وعالم الشهادة تابعاً لـه فإن «الآخر» هو المدلول الاجتماعي والأخلاقي لعالم الغيب، و«الأنا» يمثل المدلول الاجتماعي والأخلاقي لعالم الشهادة، وبالتالي فإن محورية الغيب لعالم الشهادة تنعكس على الساحة الاجتماعية بصورة مثل أخلاقية تعطي الأولوية لحقوق «الآخر» ومصالحه على مصالح وحقوق «الأنا». ومن هـنا كان الإسلام قيمة أخلاقية وكانت الأخلاق حقيقة دينية قبل أي شيء آخر، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإن الأخلاق عالمية بطبيعها فإن الشجاعة فضيلة في كل بلد ومن كل فرد، والجبن رذيلة سواء ظهر في هذه القبيلة أو تلك القومية، ولا معنى لتحديد الفضيلة بحدود جغرافية أو قومية بحيث إذا تعدتها أصبحت رذيلة، وهذه خصيصة جوهرية في الأخلاق بمعنى ان وضع الحدود الجغرافية والقومية على فضيلة معينة من شأنه أن يصادرها ويحولها إلى رذيلة وهذا ما يكشف عن الماهية السلبية للقومية. _____________________________________ 1 ـ الحسيني، هاشم معروف، سيرة المصطفى ص 691 ط 1.