ـ(167)ـ الجماعة المؤمنة وعالميتها فقد ورد الحث الشديد على حضورها والدعوة إليها ببيان فضلها تارة وعقوبة التارك لها تارة أخرى. فمن فضلها ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «ان صفوف أمتي كصفوف الملائكة والركعة في الجماعة أربع وعشرون ركعة كل ركعة أحب إلى الله عز وجل من عبادة أربعين سنة»(1). وفي العقوبة على تركها ما ورد مكرراً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «انه همّ بإحراق منازل تاركي الجماعة»(2). ولأجل ذلك أيضاً أخذت صلاة الجماعة طابعاً تسامحياً في كثير من أحكامها كسقوط وجوب القراءة على المأموم وصحة الالتحاق بالجماعة وان لم يكن مواكباً لها في القراءة وكفاية حسن الظاهر في إثبات عدالة الإمام. 2 ـ الحج: ان فريضة الحج مزيج متجانس رائع من العقيدة والعبادة والسياسة والاجتماع يمارسها المجتمع المسلم بشكل سنوي لترقى به في سلّم الكمال روحياً وحضارياً ولا يهمنا هنا الحديث عن الأبعاد المتكاملة للحج، إنّما الذي يهمنا دوره في بناء المجتمع العالمي في الإسلام، وموقعه ضمن تشكيلة الأبعاد العالمية في الشريعة الإسلامية، ولأجل ذلك لابد لنا من أن نخضع هذه الفريضة لنظرة تحليلية فاحصة، ليتبين لنا أن القاعدة الأساسية للحج تتمثل بعقيدة التوحيد، وان هذه الفريضة يسيطر عليها الطابع التوحيدي وبتركيز شديد، يتضح ذلك من النظر إلى أحكام الحج الدقيقة جداً وشعائره وعباداته، ومن المعلوم ان التوحيد ليس فكرة تجريدية نظرية، بل هو شعور _____________________________________ 1 ـ الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، 8 / 288. 2 ـ المصدر نفسه، ص 291 ـ 293.