ـ(166)ـ لكن التأمل الدقيق يقودنا إلى نتيجة تنسجم مع هذه الرؤية، فبعد إحراز شرط العدالة تبحث الشريعة عن عناصر من شأنها تأكيد الجماعة والإكثار من فرادها فتقدم الإمام الذي يتوفر على هذه العناصر على من سواه، فالترجيح باختيار المأمومين يساعد على هذا الغرض ويبين احترام الشيعة لشخصية المكلفين، والترجيح بالاقرأية من شأنه أن يرسخ عنصراً من عناصر عالمية المجتمع الإسلامي وهو اللغة العربية. كما انه عنصر يتعاطف معه المجتمع الإسلامي ويتلقاه بالقبول بما يؤدي إلى تأكيد الجماعة وترسيخها، والترجيح بالافقهية يتجانس مع الوظيفة الاجتماعية لإمام الجماعة، فإن إمام الجماعة هو المرجع الذي يعود إليه أهل المحلة أو المدينة لحل مشاكلهم، ولا شك ان الاعلمية في الفقه تمنحه أهلية أكثر على الحلول وقدرة أكبر على استقطاب المجتمع وبالتالي تجعله أقدر من غيره على لمّ الشمل وتوحيد الصف، والترجيح بالأسنية ترجيح بعامل اجتماعي لـه دوره المعروف في الحياة الاجتماعية، والترجيح بالأقدمية في الهجرة يتجانس تماماً مع مقياس التفاضل بالتقوى، فإن الأقدمية بالهجرة تعني الأسبقية إلى التقوى والاستعداد الأكبر للخدمة والدرجة الأعلى من الولاء للدولة الإسلامية والمرجح الأخير الذي تدور حوله الشبهة يأتي في هذا السياق، فكأن الشارع يريد أن يجند كل ما بوسعه من العناصر الاجتماعية التي من شأنها تحشيد وتعبئة وتحفيز الحس الاجتماعي العام على الحضور والمشاركة في صلاة الجماعة، ولا يشك أحد في ان جمال الهيئة عنصر مؤثر في الجذب ولذا يحاول الشارع تجنيده لصالح الجماعة، وقد جعله المرجح الأخير لان المرجحات السابقة ترجع بنحو ما إلى اعتبار شرعي، أما الاصبحية في الوجه فإنها اعتبار اجتماعي من حيث الأساس. ولأجل ما تقدمه صلاة الجماعة من عطاء روحي واجتماعي لصالح وحدة