ـ(165)ـ الرومي لصلاة كان يحضرها أولي الزعامة القبلية، ولما احتضر عمر بن الخطاب وطلب منه أن يستخلف كان سالم مولى أبي حذيفة قد مات فقال عمر: (لو كان سالم مولى أبى حذيفة حيا لما شككت فيه). وفي مثل هذه الأحداث قال الشاعر العربي مستنهضا شعوراً قبلياً خاسراً: هذا صهيب أمّ كل مهاجر ___ وعلى جميع قبائل الأنصار لم يرض منهم واحداً لصلاتنا ___ وهم الهداة وقادة الأخيار هذا ولو كان المثرّم سالم ___ حيا لنال خلافة الأمصار ما زال هذه العجم تحيا دوننا ___ ان الغريب لفي عمى وخسار(1). ان المعايشة الروحية وحدها التي تستطيع ان تعرّف الإنسان حجم الدور التغييري الذي تلعبه الصلاة في فكر ونفس الفرد عندما يقف أثناءها خلف فرد قد تخذله كل المقاييس المتعصبة ولا ينصره إلاّ المقياس الإيماني فيسحق المأمومون تلك المقاييس التي قد تغذّي مصالحهم الاجتماعية الخاصة ويقبلون على الصلاة خلف ذلك الفرد. وقد يُلاحظ في صلاة الجماعة أحكاماً تبدو في الوهلة الأولى متناقضة مع هذه الرؤية، كالحكم الذي تذكره مصادر الفقه الإسلامي حول مرجّحات تقديم امام على آخر بعد احراز شرط العدالة. لنقرأ النص التالي الوارد في كتاب «شرائع الإسلام»: قال المحقق الحلي: «من قدمه المأمون فهو أولى، فإن اختلفوا قُدّم الاقرأ فالأفقه فالأقدم هجرة فالاسن فالاصبح»(2). فإن التقديم بصباحة الوجه لا ينسجم مع الرؤية التي تم بيانها عن صلاة الجماعة _____________________________________ 1 ـ الالوسي، محمود شكري، بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب ج 1 ص 168. 2 ـ المحقق الحلي، جعفر بن سعيد، شرائع الإسلام، ج 1 ص 125، مطبعة الآداب، النجف.