ـ(164)ـ المصلي من ادران العصبية واجلاء حالته الإنسانية الأصيلة، ويجري التأكيد على هذه المحاولة وتكرارها في اليوم الواحد خمس مرات وعلى مدى العمر للمحافظة على الفطرة الإنسانية نقية طاهرة حتى إذا استوفيت عند الممات يكون المؤمن قد أدى الأمانة سالمة إلى صاحبه الأصلي وهو الله سبحانه وتعالى، تماما كحالتها عند استلامه لها في اليوم الأول لولادته. وكما يسترفد الشعور العالمي لدى المسلم القوة من الجماعة المؤمنة التي ينظم إليها، كذلك يسترفد هذا الشعور بالقوة من وقوفه خلف إمام يختلف عنه في أكثر الأحيان من حيث الطبقة والانتماء القومي والمحلي وقد يُعد الإمام في القياسات المتعصبة أدنى درجة من المأموم ومع ذلك يأتي المأموم ويصلي خلفه معبراً بذلك عن تخليه عن تلك القياسات الباطلة والتزامه بالمقياس الإسلامي التليد القائل:?إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ?(1). الذي يعبر عنه بالفقه الإسلامي بشرط العدالة في إمامة الجماعة. وقد لعبت صلاة الجماعة دورها الفاعل هذا في عملية التغيير الاجتماعي حيث أدّت بمن كان ُيعد من ذؤابة القوم إلى التراجع، ودفعت إلى الطليعة أفراداً كانوا يعدّون في المرقاة المتأخرة من السلّم الاجتماعي فالمجتمع الذي كان يأنف من لقاء أفراد كبلال الحبشي صار عليه أن يتقبل وبكل امتنان وصول بلال إلى مستوى الصحابي الجليل، أي الطليعة الاجتماعية والسياسية للمجتمع الإسلامي، وهو مؤذن الرسول الذي رقى الكعبة عند فتح مكة، ليؤدي الأذان من على هذا المكان الذي كان يعد عرشاً للسلطة القبلية في مكة. وصار على هذا المجتمع أيضاً أن يتقبل إمامة صهيب _____________________________________ 1 ـ سورة الحجرات : 13.