ـ(36)ـ بجميع أممه، سواء غير المسلمين أو المسلمين أما أمتنا فهي حاملة هذه الرسالة العالمية، ومبلغ لها، وشاهدة على الناس بأنها قد بلغت كما قال رسولنا الكريم في خطبة الوداع (ألا هل بلغت...) والتبليغ يستلزم أن ننفتح عليهم ونحاورهم كما حاور القرآن المشركين والكفار، وقدم لهم الحجة تلو الحجة، والدليل بعد الدليل ومازال هذا الحوار محفوظاًَ مسجلاً في القرآن إلى يوم الدين.. وعلى ذلك فإن الظن ان ما بيننا وبين غيرنا هو فقط حالة الحرب والقتال، فيه تناقض مع عالمية دورنا كأمة وسط شاهدة على الناس.. صحيح ان فقهاءنا لم يعرضوا كثيرا رأيهم في أحكام العلاقات السلمية بيننا وبين غيرنا وسبب ذلك أن هذه الأحكام تؤسس على مواثيق وعهود بيننا وبينهم، أي أن علينا أن نستنبط نحن هذه الأحكام ونضمنها ما بيننا وبين الأمم الأخرى من عهود ومواثيق، نهتدي فيها بأسس شريعتنا ومبادئها... يظهر لي أننا تجاهلنا ذلك إلى حد كبير، واكتفينا بترديد ما يفهم منه ان العلاقة الوحيدة بيننا وبين غيرنا هي علاقة الحرب كما كانت في عصر الفتوح، وتجاهلنا حالة العهد بيننا وبين غيرنا من الأمم، ولم نقدم الأسس التي تقوم عليها العهود والمواثيق التي تحكم صلتنا بهم وعلاقتنا السلمية معهم وكانت النتيجة أن هذا الموضوع أصبح خاضعا للقانون الوضعي ولما تفرضه الظروف أو يفرضه الطرف الأقوى، وهو الآن (بكل أسف) غيرنا، بل هو عدونا... ولم تعد شريعتنا ولا فقهنا مصدراً «أساسياً» من مصادره. كان علينا ان نفرض على أنفسنا وعلى العالم كله ما قدمته شريعتنا من أسس ثابتة خالدة لحقوق الإنسان وحريات الشعوب.. لكننا لم نفعل، فأصبح غيرنا هو الذي يتكلم الآن عن حقوق الإنسان، من وجهة نظرة، ومن أجل مطالعه