ـ(29)ـ بالأنظمة التي تدار بها شؤون الناس، والتي يصدرها الحاكم الشرعي (الرسول والإمام) إلى مستوى الحكم الشرعي الإلهي، وقرنت طاعة الرسول بطاعة الله تعالى ?مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ?، وأصبحت مخالفة الرسول كفراً ونفاقاً ومصيرهاً هو مصير مخالفة الله تعالى. وأصبح الإطار العام للحكم في المجتمع الإسلامي هو الخلافة لرسول الله، وتطبيق الحكم الشرعي. وهذا التطور التكاملي، هو الذي يفسر لنا مجموعة من الظواهر السياسية والاجتماعية في التاريخ الإسلامي، ومنها ظاهرة المقاومة القوية والدائمة المضمخة بالدماء والتضحيات للاستبداد والظلم في مختلف أدوار التاريخ الإسلامي، والتي فرضت هذه المقاومة حصاراً قوياً على المستبدين أو المنحرفين من حكام المسلمين، جعلتهم غير قادرين على تجاوز الإطار العام للحكم، وهو عنوان الحكم بما انزل الله، وفي إطار الشريعة الإسلامية. وكذلك ظاهرة تطلع المسلمين في كل الأجيال إلى الحكم الإسلامي العادل واستمرار هذا الروح في الوعي حتى بعد سقوط الدولة الإسلامية عسكريا، وإصرار المسلمين على الرجوع إلى الحكم الإسلامي، وعدم فصل الدولة عن الرسالة أو ما يسمى بفصل الدين عن السياسة والحياة. ونظرة المسلمين ووعيهم لهذا الجانب، وان كان بدرجات متفاوتة، ولكن يبقى الحد الأدنى منه كافيا للتعبير عن وجود التكامل في المجتمع الإنساني. وبهذا يمكن أن نفهم دور فكرة وجود حكومة الحق والعدل المطلق المتمثلة بفكرة الإمام المهدي عليه السلام الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما مُلئت ظلما وجورا، وارتباطها في أحد أبعادها بموضوع (الخاتمية)، كما هي مرتبطة ـ أيضاً ـ في