ـ(28)ـ والمنعة في الحياة الإنسانية، ومن ثم فلا يمكن للانتكاسات الحضارية أن تهدد وجود هذه الحركة الإلهية، كما حدث بالنسبة إلى بعض الرسالات الإلهية السابقة، كرسالة نوح عليه السلام أو إبراهيم عليه السلام، حيث تحول المجتمع الإنساني بعد نوح إلى الوثنية بصورة كاملة على ما يبدو من قصة إبراهيم عليه السلام. وتمكنت الوثنية ان تحاصر حركة التوحيد بعد إبراهيم عليه السلام، وتستعبد الإسرائيليين وتؤثر فيهم بدرجة كبيرة. وتتعرض حركة التوحيد بعد موسى عليه السلام إلى العزلة والانكفاء على الذات حتى تحولت إلى حرفة ومهنة خاصة بالإسرائيليين. وتعرضت حركة التوحيد بعد عيسى عليه السلام إلى التحريف والتشويه والرهبنة بالانفصال عن الحياة الإنسانية. وفي الرسالة الخاتمة أصبح التوحيد نقيا خالصا يقوم على أساس قاعدة بشرية واسعة وراسخة، هي قاعدة الرسالات الإلهية الكبيرة، واصبح حقيقة كونية ذات أبعاد عقائدية وعبادية واجتماعية وسلوكية أخلاقية، بدرجة عالية ينسحب فيها على جميع مناحي حياة الإنسان والكون والوجود. وهذا هو الذي يفسر لنا تحول حركة التوحيد في الرسالة الإسلامية، إلى حركة هجومية تمكنت ـ بفترة زمنية قياسية ـ من ان تزيل الوثنية من الجزيرة العربية، وتزيح الدولة الفارسية الكسروية، وتهدد الدولة الرومانية القيصرية، وتفتح مساحات واسعة في الوجود الوثني في مختلف مناطق العالم، وهو مالا نجده في حركة الرسالات السابقة. ثالثاً: التكامل في المتجمع الإنساني وتـنظيم الحياة الإنسانية من خلال الدولة والنظام السياسي الذي اصبح جزءاً رئيساً ومكملاً للرسالة، بحيث ارتقت الرسالة