ـ(27)ـ ويمكن ان نجد عناصر التكامل في الخاتمية، ونتناولها بالفحص والبحث في الأمور التالية: أولاً: التكامل في الوعي الإنساني الاجتماعي من خلال تأثير الرسالات الإلهية السابقة والتجارب الإنسانية الاجتماعية الطويلة، والمعرفة الإنسانية بالحياة والكون، إلى غير ذلك مما يرتبط بالإنسان ومدركاته النظرية والسلوكية وتجاربه مع الكون والطبيعة، وعلاقاته الإنسانية والمحصلة الكلية للوحي الإلهي وعمل الأنبياء والمرسلين والصالحين. فهو تكامل في الوعي الإنساني العام، يؤهل الإنسان لأن يأخذ دوره الكامل المسؤول في الحياة الإنسانية، بحيث يشغل حيزاً مهماً يتناسب مع هذا الوعي(1). وهذا هو الذي يفسر لنا التحول الكبير الذي حدث في أدلة النبوة التي تمثل أسلوب الخطاب الإلهي بالإيمان والوحي والمضمون الرسالي، فإن معجزات الأنبياء السابقين كانت تعتمد على الآيات التي تُعبر عن القوة والقدرة الإلهية المباشرة في التصرف بالكون والحياة والعقوبات الدنيوية المباشرة، للتأثير على إرادة الإنسان وسلوكه، وأما في الرسالة الإسلامية فقد تمثل أسلوب الخطاب بالقرآن الكريم الذي يتوجه إلى مخاطبة العقل للوجدان والمشاعر الإنسانية، للسيطرة على إرادته وسلوكه وتوجيهها. ثانياً: التكامل الذي وصلت إليه حركة التوحيد الإلهي والمعرفة بالله تعالى، بدرجة تمكنت فيه هذه الحركة من تحقيق الاستقرار والثبات والانتشار والقوة _____________________________________ 1 ـ وفي نظرية الإمامة عند أهل البيت عليهم السلام يتكامل هذا الوعي الإنساني من خلال التسديد والإشراف الذي يمارسه الإمام، لأنه يقوم بدور النبي في قيادة التجربة والإشراف عليها في المدة الزمنية للأئمة الأثنى عشر الذين نصبهم الله تعالى لهذه المهمة.