ـ(26)ـ الخاتمية وبهذا الفهم (للعالمية) يمكننا ان نفهم (الخاتمية) أيضاً، فإن الخاتمية لا تمثل مجرد انقطاع الوحي ونهاية النبوات الإلهية، وإنّما تعبر في الوقت نفسه عن تطور في الحياة الإنسانية من ناحية، وتطور في المضمون الرسالي اقتضى هذا الانقطاع وهذه النهاية. لأن السؤال المطروح في موضوع (الخاتمية) ـ بعد التسليم بها لنص القرآن الكريم والسنة النبوية عليها ـ ان تعدد الرسالات الإلهية، إنّما كان تجسيداً لسنة إلهية في تطور الحياة والتاريخ الإنساني، فهي متطورة ومتكاملة، وكما هي مواكبة لحركة التاريخ الإنساني. وإذا كانت كذلك، فلماذا توقفت الرسالات الإلهية؟ وهل ذلك لتكامل المسيرة الإنسانية؟ فلا حاجة لتطور الرسالات الإلهية، أو ان قانون وسنة التطور قد توقفت في تأثيرها؟ أو ان هناك تفسيراً آخر لهذه الخاتمية؟ ولاشك ان سنة التطور والتكامل، هي من السنن الثابتة في حياة الإنسان ومسيرته، وهذه السنة هي التي فرضت هذه الخاتمية بالإرادة الإلهية، فلابد ان نفتش عن هذه العناصر التكاملية، ونؤكدها في عملنا الثقافي والسياسي والاجتماعي انسجاما مع هذه الخاتمية. فالخاتمية ذات مضمون تكاملي وتغييري، يرتبط في جانب منه بمضمون العالمية الذي تحدثنا عنه، وفي جانب آخر بمضمون (الخلود) الذي سوف نشير إليه.