ـ(19)ـ بل لازال الشعب في الولايات المتحدة الاميركية ـ بالرغم من القوانين الاسمية والدعاوى العالمية الإنسانية ـ يشكو من هذا الانقسام العرقي والهمينة الطبقية لأصحاب رؤوس الأموال. ومثل آخر، في الدولة التي كانت في أصلها ظاهرة نبوية، كما يؤكد ذلك القرآن الكريم، وان بعثة الأنبياء إنّما كانت من أجل الحكم بالحق، وتنظيم حياة الناس وحلّ الاختلاف بينهم، ولكن تاريخ الرسالة الإلهية لم يشهد من الناحية الواقعية والخارجية قيام الدولة في ظل الرسالة، بل بقي الأنبياء يجاهدون من أجل إقامة المجتمع الصالح والدولة الإلهية، ولم يتحقق ذلك لا لنوح ولا لإبراهيم ولا لموسى ولا لعيسى عليهم السلام، وإذا كان بعض الأنبياء قد آتاه الله الملك كداود وسليمان عليهما السلام، فإن ذلك كان ضمن البرنامج العام الإنساني لقيام الدولة وهو الغلبة والقوة. وأما الدولة الإسلامية فإن وجودها الخارجي كان ضمن البرنامج الرسالي للدولة وتطور الرسالة الإلهية، ولذا كانت الدولة الإسلامية والإمامة جزءاً مكملا للرسالة ـ ليس على المستوى النظري فحسب ـ بل على المستوى التطبيقي والخارجي. وهذا هو الذي يفسر لنا قيام الدولة الإسلامية في مثل هذه الأيام (ربيع الأول)، في السنة الأولى للهجرة، ثم استمرارها لمدة ثلاثة عشر قرن وبقاءها كهدف، ولم تتنازل عنه الأمة ـ حتى بعد سقوط الكيان السياسي عسكريا بيد الاستكبار الغربي ـ وسوف لن تتنازل عنه الأمة حتى قيام دولة الحق المطلق، التي وعد الله بها عباده الصالحين بظهور الإمام المهدي عليه السلام ?وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأرض كَمَا اسْتَخْلَفَ