ـ(17)ـ السلام رفعه الله تعالى من هذه الدنيا ولم يخلف وراءه إلاّ الحواريين الذين تحملوا أعباء الرسالة، وبذلك تحولت رسالته تدريجيا إلى رسالة النخبة المختارة التي تتمتع بالامتيازات والحقوق والقدسية المهنية الخاصة ?وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ? ـ الحديد: 27. ?اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ? ـ التوبة: 31. حيث ورد في تفسير هذه الآية ـ كما يؤكده القرآن الكريم أيضاً ـ ان اتخاذهم الأحبار والرهبان أربابا، كان هو السمع والطاعة لهم من دون الله وإعطائم هذه الامتيازات والأموال. إن عالمية الإسلام في محتواها الخاص الذي يتميز به الإسلام إنّما هي: أولاً: الانتقال بالرسالة من مرحلة النظرية العالمية والتمهيد، إلى مرحلة التطبيق والتجسيد وخلق النموذج الحضاري العالمي في الحياة الإنسانية. وثانياً: في المنهج والبرنامج العلمي الذي وضعه الإسلام لمواكبة وجود هذا النموذج الحضاري، وتثبيته وإيجاد الضمانات العملية لبقائه واستمراره. وهنا نجد أمامنا معالم في البرنامج الإسلامي العالمي آفاقاً واسعة من البحث والاستلهام، لا يسعها هذا المقال القصير ـ والوقت المحدود ـ تتمثل في اختيار مكان البعثة والرسالة الإلهية، والقاعدة التي انطلقت منها الرسالة الإلهية، وهي أمة العرب، وضرورة تفسير الخطاب الثقافي الإسلامي، الذي تحدث بلغة هذه الأمة ومعها أكثر من أي جماعة أخرى، وتناول أوضاعها الاجتماعية، والسياسية، والثقافية، والتاريخية بصورة رئيسية دون غيرها من الناس، حتى ظن بعض الجاهلين، وحاول بعض المنحرفين ان ذلك امتيازا لجماعة من الناس، أو يفسروا