ـ(16)ـ وليست خاصة ببني إسرائيل، ولكنها من الناحية الخارجية بقيت محصورة ببني إسرائيل، بحيث تحولت خارجيا إلى رسالة قومية، وتحول بنو إسرائيل إلى شعب مختار، يفتش عن الامتيازات ويؤمن بها، فهم أولياء الله وأحباؤه ولهم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس، وليس عليهم في الأميين سبيل وانهم على شيء، وغيرهم ليس على شيء... الخ إلى آخر هذه الادعاءات. وهنا نرى أمامنا التطور في العالمية الذي تحقق في الرسالة الإسلامية، وهو تحول الشعب المختار إلى الأمة الإنسانية المختارة ?كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ...? ـ آل عمران: 110. والمقياس في هذا الاختيار الواقعي هو الإيمان بالله، والدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتقوى الله حق تقاته، وليس الشعب والانتماء إلى العرق أو العشيرة أو البلد، بل الانتماء إلى الله والمبادئ ?إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ?. ولذا أكد القرآن الكريم ذلك في المسيرة العملية والجهادية، هذه الحقيقة والسنة التاريخية فخاطب العرب الذين هم جماعة المؤمنين في عصر نزل القرآن بقوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ? ـ المائدة: 54. ?وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ? ـ محمد: 38. فالخروج والتحول من الشعب المختار إلى الأمة المختارة، هو العالمية. والمسيحية وان كانت عالمية في دعوتها ومضمونها، ولكن عيسى عليه