ـ(53)ـ الاجتماعي. فهو يرى ان الإنسان كان يحيا في جماعات صغيرة وحاجاته الأساسية كانت محدودة. إلا انها حين تطورت أخذت المصالح الشخصية تتعارض مع بعضها البعض. وتفادياً للصدام والتنازع أخذت هذه الجماعات في تنظيم حياتها على أساس التنازل عن بعض الحقوق، مقابل ان يحظى الجميع بحياة يسودها السلام والاستقرار. وفي مقابل هذه النظرية، كانت هناك النظرة الواقعية التي ترعرعت في الفلسفة الإنجليزية، وهي نظرية المنفعة. هذه النظرية تقول ان المنفعة هي أساس النشاط البشري. وكثيرا ما تتعارض مصالح الأشخاص، وهذا وضع من شأنه ان يثير النزاع المستمر، فرأت الجماعات المتطورة ان تجعل مقياسا عاما يلتزم به الأفراد بحيث يمكنهم من تحقيق منافعهم مع القضاء على التعارض الذي ينشأ عن اختلاف المنافع، ومن هنا أخذ المشرّعون يسنّون من القوانين ما يمكنهم من تحقيق أكبر قدر من المصلحة لأكبر عدد من الناس، وإن أدى ذلك إلى التعارض مع بعض المصالح الفردية؛ لأن المصلحة العامة لها الأولوية في الاعتبار. هذه أهم النظريات التي تحدثت عن التطور الاجتماعي وما صاحبه من تطور تشريعي يحقق مصالح تلك المجتمعات. ومما لا شك فيه ان هؤلاء المفكرين كانوا يهدفون إلى اكتشاف الأصل القانوني الذي يحكم المجتمعات، حتى يستطيعوا على ضوئه ان يحددوا العلاقات الإنسانية في المجتمعات الحديثة، أملا في القضاء على التسلط و السلطان المطلق، الذي كانت تتمتع به الأسر الحاكمة في أوروبا وقد كانوا في سعيهم هذا مدفوعين بالمصلحة الاجتماعية كما تصوروها، فإن هذه المصلحة محددة بحدود الفكر الإنساني مكانا وزمانا، ولذلك تغيرت التشريعات القائمة