ـ(52)ـ تمهيد: المصدر التشريعي لا يجد المؤمنون مشقة في معرفة الأصل التشريعي، لأن الكتب السماوية كلها تتحدث عن آدم عليه السلام باعتباره الإنسان الأول،الذي سكن هذه الأرض، وتلقى عند نزوله إليها كلمات من ربه هدت طريقه إلى تنظيم حياته وحياة ذريته، حتى خرجت تلك الذريّة على ما أنزله الله على آدم، فجاءتهم أنبياء توالوا على الأمم يربطونهم بالله تعالى عبادة وسلوكا وأخلاقا وتعاملا. ومن هنا فإن الإنسان الأول نزل ومعه من التوجيهات الإلهية ما به تستقيم حياته، فلم يكن في حاجة إلى ان يتعلم في المجال التشريعي عن طريق التجربة والخطأ، لأن الوحي كفاه هذه المهمة. ولكن المفكرين الذين لم يستضيئوا بنور الوحي، ولم ينظروا إلى الدين النظرة الدقيقة التي من شأنها ان تنير سبيلهم إلى معرفة نشأة الأصل التشريعي للقوانين التي سارت عليها البشرية. منذ ان بدأ التسجيل لتاريخها، هؤلاء اضطروا إلى ان يبحثوا عن تعليل مقبول يربطون به وجود القوانين والتشريعات التي عرفتها البشرية في تاريخها الطويل. ومن هنا برزت في تاريخ علم الاجتماع والقانون النظريات التي ظن هؤلاء المفكرون أنها الأساس الذي أدى إلى ظهور القوانين، وترقيها من قوانين يسيرة تنظم حياة جماعة صغيرة من الجماعات إلى القوانين الأكثر تقدما وتطورا والتي أصبحت تسود الحضارات غير الإسلامية الحالية. ومن ابرز هذه النظريات تلك النظرية التي قال بها روسو وهي نظرية العقد