ـ(510)ـ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ?(1). يقول الشيخ العلاّمة محمد جواد مغنية رحمه الله حول هذه الآية الشريفة: (لتكن أمر يدل على الوجوب ومن في «منكم» للتبعيض إشارة إلى أن هذا الأمر من فروض الكفايات والخير عام لما يجب فعله وما يجوز تركه، والمراد بالمعروف هنا ما يجب فعله بقرينة وجوب الأمر به والمراد بالمنكر ما يجب تركه بقرينة وجوب النهي عنه. وتجدر الإشارة إلى أن وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرورة دينية عند المسلمين يُستدلّ بها ولا يُستدلّ عليها «وأولئك» الذين يأمرون بالمعروف «هم المفلحون» المنتصرون دنيا وآخرة)(2). إلاّ بالكاد من المؤسف انّ هذه الفريضة الاسلامية السامية قد انقرضت، وهي فرض كفائي، فتركها من الجميع يعمهم بالإثم ويشملهم. وقد تهرّب المسلمون من العمل بهذه الفريضة الإلهية نتيجة لابتعادهم عن القيم والموازين الاسلامية ونتيجة لطغيان الفكر المادي المستورد والذي جعل الأكثرية العظمى منهم يسعى لحياته المادية ولرفاهه وسعادته، فما عليه إن رأى الغير يعملون بما ينكره الإسلام وهو نفسه لا يحمل ذرة من دينه سوى ما كُتب في هويته انه مسلم. وهناك طائفة أخرى تتواكل في عملية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتتهرّب منها مدعيّة ان هناك من يقوم بالواجب، وهؤلاء في الواقع مؤيدون لشيوع المنكرات في المجتمع الإسلامي إذ لم يغيروا الحالة بقول أو فعل أو حتى بالإنكار القلبي وهو أضعف الإيمان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. ________________________ 1 ـ سورة آل عمران: 104. 2 ـ التفسير المبين - المرحوم محمد جواد مغنية - ص 80.