ـ(490)ـ جهود للدفاع عن الإنسان وحريته وإنسانيته فلن يبلغوا معشار ما بلغه أمير المؤمنين قبل أكثر من ألف عام من إنسانية وعطف تجاه بني البشر. ونذكر قصة أخرى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام تدل على نظرته الإنسانية تجاه الجميع: «ولّى عليه السلام بيت مال المدينة عمار بن ياسر وأبا هيثم التيهان فكتب: العربي والقرشي والأنصاري والعجمي وكل من كان في الإسلام من قبائل العرب وأجناس العجم سواء، فأتاه سهل بن حنيف بمولى لـه اسود فقال: كم تعطي هذا ؟ فقال لـه أمير المؤمنين عليه السلام: كم أخذت أنت ؟ قال: ثلاثة دنانير وكذلك أخذ الناس. قال عليه السلام: فأعطوا مولاه مثل ما أخذ ثلاثة دنانير. فلما عرف الناس أنّه لا فضل لبعضهم على بعض إلاّ بالتقوى عند الله سبحانه أتى طلحة والزبير عمار بن ياسر وأبا الهيثم بن التيهان فقالا: يا أبا اليقظان استأذن لنا علي صاحبك. قال: وعلي صاحبي اذن، قد أخذ بيد أجيره وأخذ مكتله ومسحاته وذهب يعمل في غلّة في بئر الملك وكائن بئر ينبع سُمينَ بئر الملك فاستخرجها علي بن أبي طالب عليه السلام وغرس عليها النخل فهذا من عدله في الرعية وقسمه بالسوية»(1). ومن القصص التي تروى عن عدله في تقسيم الأموال انه: (جاءته امرأتان تسألانه وتبينان لـه فقرهما فسّد لهما حاجتهما وأمر أن تشترى لهما ثياب وأطعمة ووهب لهما مالاً، لكن واحدة منهما طلبت منه ـ عليه السلام ـ أن يفضلها على رفيقتها لأنها عربية ورفيقتها من الموالي فأخذ شيئاً من «الـ» تراب فنظر فيه ثم ____________________________ 1 ـ كتاب البيان الجلي في أفضلية مولى المؤمنين علي عليه السلام عبد روس بن أحمد السّقاف العلوي الحسيني الإندونيسي ص 239 تحقيق السيد مهدي الرجائي