ـ(489)ـ وتعالى، وهو أمر معقول ومقبول يختلف اختلافاً جوهرياً عن التفاضل باللون والجنس والقرابة وما شاكل وقد تطورت تلك العصبية التي نشأت تحبو بعد رحيل القائد الأعظم محمد صلّى الله عليه وآله واشتدت في العصر الأموي حتى استفحلت في العهد العباسي والى يومك هذا حيث العنصرية وقد رأينا قريباً كيف كان يجري القتل والتعذيب على الهوية في لبنان والبوسنة وهذا الأمر يُمثّل تطوّراً مقيتاً ومشيناً للعنصرية الحاقدة ونحن على أعتاب القرن الواحد والعشرين. والغريب ان هذين الدولتين هما عضوان في الأمم المتحدة التي جاء في ميثاقها وجوب احترام الإنسان وعدم الحاق الأذى والضرر به بسبب اللون أو الدين أو الجنس، وعلى مرآى من تلك المجازر الرهيبة تنمو جمعيات الرفق بالحيوان في العالم الغربي المتمدن بصورة مستفحلة والتي تجاوزت الحدود في احترامها ورفقها بالحيوانات إلى أبعد ما يتصوره الخيال، فهنيئاً للحيوان إذ وُجد لـه من يُدافع عن حقوقه وكرامته، مما لا يوجد لـه نظير وشبيه في مملكة البشر البائسين. ونرى أئمتنا عليهم الصلاة والسلام يفيضون رحمة وعطف وإنسانية تجاه الآخرين، أيّا كان لونهم ودينهم وجنسهم. «فكم من مرة شاهد الناس أسد الإسلام وقديسه - الإمام علي عليه السلام - معتماً بعمامته الخضراء يردّد ما قالـه مرّة في مسجد النبي محمـد صلى الله عليه وآله وسلّم (من آذى ذميّاً فقد آذانى)»(1). وهذا منتهى الإنسانية والمحبة للجنس البشري فأين هم قادة العالم المتحضّر وقادة الأمم المتحدة ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان الذين مهما حاولوا من ______________________ 1 ـ كتاب الإمام علي أسد الإسلام وقديسه - روكس بن زائد العزيزي ص 187.