ـ(435)ـ ? وليس المقصود بذلك هذا السلام الأعرج، الذي يدعو إليه الصهاينة والأمريكان اليوم، فهم يحتلون ارض المسلمين ويستترفون خيراتهم، ويتآمرون عليهم في فلسطين وفي غير فلسطين، ثم يدعون العرب والمسلمين إلى السلام. وهي دعوة مرفوضة حتى يرحلوا عن أرضنا، ويكفوا عدوانهم عن أهلنا. ? ان الإسلام يرفض عدوان المعتدين، كما يرفض الاعتداء على الآخرين، فهو رمز التسامح الديني، ورمز حب التعايش الاجتماعي، ورمز الإنسانية التي تحب الخير للناس أجمعين، وتعترف بحقوق الآخرين، حتى ولو كانوا مخالفين. ? وقد عج التاريخ بالشواهد الحية على إنسانية الإسلام، التي مثلها رموزه الكرام في تعاملهم مع الناس أجمعين. فها هو ذا رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ينصف اليهودي من نفسه، رغم انه أساء إليه وهو يطلبه بدين عليه. ? وها هو ذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يجعل لليهودي العجوز نصيبا من بيت مال المسلمين، حيث وجده بلا معيل. كما ينصف الفتى القبطي من ابن أحد ولاته الكبار، ويطلق قولته التي أضاءت جنبات التاريخ: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار ؟ !» ? وها هو ذا أمير المؤمنين علي ـ رضي الله عنه ـ يساوي نفسه أمام القضاء بخصمه اليهودي، مما سطره تاريخ القضاء بأحرف من نور، لرموز الإسلام الذين يمثلهم الامام، وها هو ذا ـ رضي الله عنه ـ كذلك، يظفر بعدد من الخوارج الثائرين عليه المسيئين إليه، فتتحرك جوانب الإنسانية الإسلامية في نفسه الزكية، فيطلق سراحهم ويحسن إليهم، تطبيقا عمليا رائعا لقول الرحمن الرحيم: ?وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ? (آل عمران 134). ? ألا فليت الذين أعماهم طيشهم عن هذا الإسلام العظيم، واجتالتهم