ـ(426)ـ هذه الإنسانية هي المصدر الأساسي لقوة هذا الدين، وتميزه عن غيره من المذاهب والأديان. وهي ليست مقصورة على جانب دون آخر من جوانب الحياة، وإنما تتناولها جميعاً، لأنها تتمثل في الحق الذي أراد الله ان يخرج الناس به من الظلمات إلى النور» فهي تتمثل في الإيمان بالله إيمانا يحرر الضمير والوجدان. وفي الاستعصام بالحق استعصاما يزهق أمامه الباطل ويندحر. وفي معرفة الضعف النفسي والتطهر منه، حتى تأخذ النفس طريقها إلى العزة والسمو الروحي. وفي العلم المقوم لشخصية الإنسان، والكاشف لـه عن حقائق الوجود المادي، وما وراء هذا الوجود من عالم ما وراء الطبيعة. وفي الثروة وتعمير الأرض واستثمار قوى الكون، والانتفاع بما في الطبيعة من بركات الله وخيراته، وتوزيعها على أفراد الأسرة الإنسانية بالكفاية والعدل. وفي إقامة المجتمع على أساس من الحرية والعدالة والمساواة، والتشريع السمح والعمل الجاد، والمعاشرة الحسنة والحكم الصالح، الذي تكون فيه السيادة للأمة. وفي السلام العام القائم على احترام الإنسان وكفالة حقوقه. وفي احترام العهود والحفاظ على المواثيق. وفي التضحية النبيلة، والاستشهاد في سبيل الحق، ومن أجل الحياة الحرة الكريمة » (السيد سابق ـ عناصر القوة في الإسلام ـ ص 3 ـ 4). ألا فليت الذين بعماهم طيشهم عن هذا الإسلام العظيم، واجتالتهم شياطينهم عن منهجه القويم وطريقه المستقيم، فلوثوا الآدمية، ودنسوا الإنسانية، ولجوا في الحياة البهيمية، فلا عدل ولا مساواة، ولا استقامة في أي اتجاه، ولا معرفة لمنهج الله، فقامت الصراعات والحروب، وتوالت الويلات والخطوب، واظلمت المسالك، والدروب، لم يعد أحد يأمن على عرضه أو أرضه، أو ماله أو عياله، أو خيراته أو مقدساته، وتحولت الأرض إلى غابة للأقوياء، وسحقت فيها