ـ(422)ـ وسوء أدبه وتعديه على السيد المختار. ونهر ابن الخطاب حين أراد ان يؤدب ذلك اليهودي الوقح. بل لقد ساوى بين نفسه الشريفة ـ صلى الله عليه وآله ـ وبين اليهودي في المعاملة، حين أمر عمر بأن يتلطف مع اليهودي في النصح بحسن الطلب والتأدب فيه، وطلب إليه أيضاً ان يوجه النصيحة إلى سيد الخلق رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ليؤدي ما عليه من دين. ولو أن هذا المشهد قد حدث مع واحد من رجال السلطة في هذه الأيام في أي بلد كان، لقامت الدنيا على المطالب بحقه، ولعوقب على تعديه على رجل السلطة، ولربما اختلقت لـه الاتهامات، فضاع حقه، واعتدي عليه من الزبانية المتسلطين، دون أن يجد من ينقذه من براثنهم؛ فضلا عن ان يرد إليه حقه. على ان اليهودي عندما رأى ذلك تحركت إنسانيته لهذه الإنسانية، وذهل لهذا العدل وهذه المساواة، فشهد الا اله إلا الله وان محمدا رسول الله. وفتح الله على المسلمين مكة المكرمة، وكان أهلها من قريش قد آذوا رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وأصحابه إيذاء شديدا. أخرجوهم من بيوتهم وممتلكاتهم واستولوا عليها، ولاحقوهم في مهجرهم بالمدينة المنورة، وحاولوا في أكثر من معركة ان يستأصلوهم ويقضوا عليهم. فكان من الطبيعي ان ينتظروا العقاب المناسب حين أمكن الله رسوله ـ صلى الله عليه وآله ـ وأصحابه منهم أجمعين، وأدخلهم أم القرى فاتحين ومنتصرين. وجرى زعماء قريش من المشركين إلى ساحات البيت العتيق، وهم يرتجفون في انتظار ما سينزل بهم من العقاب. وطاف رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ بالكعبة الشريفة وهو يتلو قول رب العالمين: ?وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا?(الإسراء81) ومن حوله أصحابه رضي الله عنهم أجمعين. وبعد ان أنهى طوافه،