ـ(421)ـ الصف عن أقرانه، فقال: آلمتني يا رسول الله، فكشف النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ رداءه عن بطنه وقال: هذا بطني تعال فاقتص منه، فهجم الصحابي رضي الله عنه على بطن سيد الخلق يقبله وهو يقول: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فقال ـ صلى الله عليه وآله ـ: وما حملك على ذلك ؟! قال: علمت بأنها المعركة، وقد تكون نهايتي فيها، فأحببت الا أخرج من الدنيا إلا وقد مس جلدي جلدك، عسى الله ان يحرم جسدي بذلك على النار. فقبله النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ودعا لـه. نعم ! بل ان النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ لم يكن يختص بنفسه بشيء دون أصحابه، ولا دون أحد من المسلمين. فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: «كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير ـ أي يتعاقبون ـ كان أبو لبابه وعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ زميلي رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ، قال: فكانت عقبة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ فقالا لـه: نحن نمشي عنك، ليظل راكبا ـ فقال: ما أنتما بأقوى مني على المشي، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما». على أن هذه الإنسانية النبوية، لم تكن مقصورة منه ـ صلى الله عليه وآله ـ على أصحابه وحسب، ولا حتى على المسلمين، بل كانت تعم الناس أجمعين. كان ليهودي دين عليه ـ صلى الله عليه وآله ـ، وكان اليهودي حاقدا وغير مؤدب فجاء يطالب المصطفى ـ صلى الله عليه وآله ـ بدينه وهو يجلس في نفر من أصحابه، فجذبه من ثوبه حتى بان أثره في رقبته الشريفة وقال: يا محمد ! لِمَ لا تؤدي ما عليك ؟ ! أم أنكم هكذا يا بني عبد المطلب، مطل في الأداء ؟! فغضب الصحابة رضي الله عنهم، وكاد عمر يفتك باليهودي. فنهره النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وقال: ما هكذا يا عمر ! ولكن مره بحسن الطلب، ومرنا بحسن الأداء. هذا المشهد يقطر إنسانية كما نرى، فقد تجاوز النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ عن غلظة اليهودي