ـ(420)ـ 11 ـ شواهد تاريخية على إنسانية الإسلام: ليس ما أثبتناه في البنود السابقة من مظاهر إنسانية الإسلام، غير أمثله قليلة، لم يكن الهدف منها حصر تلك المظاهر، فإن حصرها بالعقل البشري مستحيل. فالإسلام قد بني أساسا على قواعد إنسانية لم تهيأ إلا لـه، ولا توجد إلا فيه. وفي كتاب الله جل شأنه، وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وآله ـ، من تلك القواعد والمظاهر والأمثلة؛ ما يصعب حصره كذلك. فمغفرة الله ورحمته وجنته، تنتظر الذين يعفون عن الناس، وينفقون عليهم، ويحسنون إليهم. قال الرحمن الرحيم: ?وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ_ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ? (الأنعام 133 ـ 134). نعم ! إن الله يحب الذين يحسنون لعباده، بأي نوع من الإحسان كان، حتى ولو بالكلمة الطيبة، فالكلمة الطيبة ـ في منهج الإسلام ـ صدقة. ومن إنسانية الإسلام كذلك، حرصه على حسن العلاقات بين الناس، وذلك بتبادل التحايا الطيبة، وردها بأحسن منها قال جل شأنه: ?وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً?(النساء 83). واستوعب المسلمون آيات القرآن الكريم، وأشربوا ما فيها من روح إنسانية عالية. وضرب لهم رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ أمثلة رائعة في حسن تطبيق تلك الآيات الكريمة، والعمل بتلك الروح الإنسانية العظيمة. وقف النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ يوم بدر ينظم صفوف المقاتلين من المسلمين، وكانت بيده جريدة نخل يهش بها عليهم، فأصابت بطن واحد منهم كان متقدما في