ـ(410)ـ مجتمعاتها من الأعراض والأموال والدماء. وأما الصهيونية الجشعة، فهي تجمع سيئات الصليبية والشيوعية، بزيادة واضحة في الحقد على جميع الناس، وتحيز مقيت ضد معتقداتهم وحضاراتهم وثقافاتهم، بل وضد وجودهم من الأساس. وفي هذه الأحوال المؤلمة، والأجواء المظلمة، يبرز المنهج الإسلامي بلسما يزيل الآلام، ونبراسا يزيح الظلام، وأملا يحقق للإنسانية إنسانيتها، ويدافع عن كرامتها وآدميتها. فهو يقرر المساواة التامة بين الجميع حين وقف رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ يوم فتح مكة يخطب الناس فقال: أيها الناس؛ كلكم من آدم، وآدم من تراب لا فخر للأنساب، لا فخر للعربي على العجمي، ولا للعجمي على العربي، ان أكرمكم عند الله اتقاكم» (الإمام المودودي ـ الحكومة الإسلامية ـ ص 280). وتعددت أحاديث النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ حول هذا الموضوع، نظرا لأهميته في المنهج الإسلامي. ففي صحيح البخاري ومسلم قول رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ: «لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، كلكم أبناء آدم». وفي زاد المعاد رواية موسعة لهذا الحديث هي: «لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى». ولعل من أبرز مظاهر المساواة التي يقررها المنهج الإسلامي بين جميع الناس قول رب العالمين: ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ?(البقرة 168). ففي هذه الآية مساواة تامة في إطعام الناس ـ كل الناس، أبيضهم وأسودهم، عربهم وعجمهم، بل حتى مؤمنهم وكافرهم. وفيها كذلك توجيه الدعوة بالهداية والابتعاد عن الغواية ـ لجميعهم