ـ(407)ـ ان الله لن يغفر لهؤلاء العارفين هذا التقصير الخطير، وهو الذي نعى على الأحبار والرهبان الذين سكتوا عن المفسدين في مجتمعاتهم. وقد تطرق إلى ذلك الإمام أبو عبدالله الحسين، سيد شباب أهل الجنة ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ حين وجه للناس في منى في أيام الحج ذات سنة ـ خطاباً جاء فيه: «اعتبروا أيها الناس بما وعظ الله به أولياءه، من سوء ثنائه على الأحبار إذ يقول: ?لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ?(المائدة 63). ويتابع الإمام ـ رضي الله عنه ـ خطابه بقوله: «وإنّما عاب الله ذلك عليهم لأنهم كانوا يرون من الظلمة الذين بين أظهرهم ـ المنكر والفسادن فلا ينهونهم عن ذلك، رغبة فيما كانوا ينالون منهم، ورهبة مما يحذرون. والله يقول:? فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ?(المائدة 44). ويواصل الإمام رضي الله عنه خطابه إلى ان يقول: «وذلك ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء الإسلام، مع رد المظالم ومخالفة الظالم» (الإمام الخميني ـ الحكومة الإسلامية ـ ص 103 ـ 104). وأنى لله جل شأنه ـ ان يغفر للمقصرين هذا التقصير، وهو الذي يمتدح ـ بالتصريح ـ أولئك الذين يؤدون هذا الواجب المقدس، كما يتوعد ـ بالتلميح ـ الذين يقصرون في ذلك، يقول جل شأنه:?الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا?(الأحزاب 39) بل ان الله سبحانه وتعالى ـ يتابع الأنبياء والمرسلين أنفسهم:?لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا?(الجن 28). ولما كان القرآن الكريم قد أنزله الله رحمة للعالمين ـ كل العالمين ـ، فقد تكفل الله بحفظه، حتى لا يصل إليه عبث العابثين، أو يغير من منهجه افتراء