ـ(405)ـ الله ـ صلى الله عليه وآله ـ تبليغهم ذلك بأمر الله سبحانه وتعالى في قولـه المبين: ?فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ _إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ?(الحجر 94 ـ 95) وقد روي أن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ لم يزل مستخفيا بالدعوة، حتى نزل هذا الأمر الكريم، فخرج هو وأصحابه يصدعون بذلك، غير عابئين بما يواجههم من المشركين. أما المستهزئون الذين ذكروا في الآية السابقة، فهم خمسة من زعماء مكة، وأهل الشوكة فيها. وهم: الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، والحرث بن الطلالة. وقد كفى الله رسول ـ صلى الله عليه وآله ـ شرهم بأن أهلكهم جميعا في يوم أحد. وأما الأجيال المتعاقبة، فكان لابد من أن يكون فيهم حملة لرسالة الإسلام، ودعاة لتبليغ دعوته للناس على مر العصور. وقد نزل القرآن بتكليف طوائف من الأمة على تتابع أجيالها، للقيام بهذه المهمة المقدسة. يقول ربنا جل شأنه في سورة آل عمران (آية 104): ?وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ? ويقول ـ سبحانه ـ في سورة التوبة (آية 122): ?فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ?. وانطلاقاً من ذلك فقد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ: «بلغوا عني ولو آية». وهي قاعدة مشهورة في الإسلام، لو سار عليها علماء الإسلام في هذه الأيام، لما بقيت آية من كتاب الله مجهولة لدى أحد من الناس. ان بيننا في العالم الإسلامي من العلماء أعدادا رهيبة، فلو انهم وزعوا آيات القرآن الكريم بينهم، لما حظي كثير منهم بأي نصيب منها لأن آيات كتاب الله بالآلاف، أما العلماء بيننا فهم بالملايين.