ـ(403)ـ 8 ـ تبليغ الدعوة الإسلامية لجميع الناس، فريضة على علماء المسلمين لم ينزل الله ـ سبحانه وتعالى ـ كتابه الكريم على نبيه الأمين ـ صلى الله عليه وآله ـ، ليتلى في المآتم والحفلات، أو على المقابر والأموات، كما يفعل كثير من المسلمين في هذه الأيام، ولكن الله أنزله ?تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ?(النحل 89). فيهتدي به المهتدون، ويستبشر به المحسنون، ويحتكم إليه الناس أجمعون. وقد انتشرت الآيات الكريمة في القرآن الكريم، وهي تتحدث ـ بإفاضة مقصودة ـ عما فيه من هدى ورحمة وبشرى، أو إنذار وموعظة وذكرى. قال تعالى: ?ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ?(البقرة 2 ) وقال سبحانه: ?تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ _ هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ?(لقمان 2 ـ 3). ولما كان هذا القرآن: ?يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ?(الإسراء 9)، ?وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ?(النمل 77) وكان الله كما قرر سبحانه:?إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ?(البقرة 143). اقتضت مشيئة الله وحكمته ان يجتبي رسوله الكريم ـ صلى الله عليه وآله ـ لينذر الناس بتبليغهم ذلك الكتاب العظيم. قال جل شأنه على لسان نبيه ـ صلى الله عليه وآله ـ: ?وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ?(الأنعام 19). جاء في زبدة التفاسير في تأويل ذلك: «لأجل ان أنذركم به، وانذر به من بلغ إليه من الناس جميعا، بجميع شعوبهم واصنافهم، من موجود ومعدوم سيوجد في الأزمنة المستقبلة. فأحكام القرآن شاملة للبشر والجن جميعاً، من كان منهم موجودا يوم الرسالة، أو يوجد بعدها إذا بلغتهم دعوة الإسلام وسمعوا بهذا القرآن، وهو نذير لهم بأنهم مسؤولون عن استجابتهم لدعوة الله، وعن أعمالهم في الدنيا عند لقاء الله »