ـ(396)ـ التزم المصلحون ذلك، وجعلوه أساس دعوات الإصلاح التي جاءوا بها إلى أقوامهم على مدار الزمان فكانوا يحذرون الناس من المنحرفين الذين يحاربون الإصلاح ويكرسون الفساد، كما قال صالح عليه السلام لقومه: ?وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ _ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ?(الشعراء 151 ـ 152). أو كانوا يكررون دعوتهم إلى أقوامهم بأن يتجنبوا الفساد ويحذروه، وكما قال شعيب عليه السلام لقومه: ?وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ?(هود 85، والعنكبوت 86). أو كانوا يقررون ـ بوحي من الله ـ ضياع المفسدين وضياع أعمالهم هباء، كما قال موسى عليه السلام: ?إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ?(يونس81). فإذا استيأس الرسل من إصلاح المفسدين، بعد طول وعظمه فيهم ودعوتهم إليهم، لجئوا إلى الله يطلبون نجدته ونصره، كما جرى مع لوط عليه السلام، فإنه ـ حين استيأس من صلاح قومه:?قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ?(العنكبوت 30). وقد جعل الله فساد الأعمال دليلا على فساد النفوس، بغض النظر عن معسول الكلام الذي قد يصدر عن المفسدين. قال سبحانه:?وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ _ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ?(البقرة 204 ـ 205). ومن ذلك يتضح ان الإسلام قد جعل إصلاح المجتمع وتنظيفه من الفساد والمفسدين، من أهدافه الأساسية. وذلك حتى يعيش الناس حياة صالحة، ترتفع بهم عن الفوضى والفساد، اللذين ينتقصان من انساينتهم، ويسيئان إلى آدميتهم.