ـ(395)ـ وأما الفساد الخلقي فهو أجلى مظاهر الفساد في المجتمع، فقد تختفي آثار الفساد فيما ذكرنا من أمور على كثير من الناس، اما الفساد الخلقي فهو ظاهر للعيان. ومن مظاهره التعهر والتبذل والانحلال والفجور، سواء أكان ذلك بظهور النساء في المجتمع كاسيات عاريات مائلات مميلات، مما يثير الغرائز ويحرض على اقتناص الشهوات الحرام، أم كان بالأغنيات الساقطة والمسرحيات الرقيعة، والتمثيليات والأفلام الهابطة. وقد أعلن الإسلام ـ كما قلنا ـ الحرب على كل ذلك. فقد غضب الله على المفسدين وأخرجهم من دائرة رحمته، وحذرهم بشدة حين قال:?إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ?(القصص 77). وفي ذات السورة يتوعدهم بسوء العاقبة والإهمال في الدار الآخرة، حين يخصص متعها وخيراتها للمتواضعين والمصلحين إذ يقول: ?تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ?(القصص 83). بل ان القرآن يدمغ المفسدين في الأرض بلعنة الله التي ستحل بهم، فتحيل مصيرهم إلى أسوأ المصائر، وتجعل آخرتهم سوء الدار، وذلك حين قرنهم بمن ينقضون العهود والمواثيق، أو يقطعون الأواصر والأرحام، قال جل شأنه: ?وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ?(الرعد25). والتزم الخيرون والمرشدون ودعاة الإصلاح على مدى التاريخ، وفي مقدمتهم الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، التزموا دعوة الله الناس لإصلاح مجتمعاتهم، والابتعاد عن الفساد أيا كان لونه ونوعه، وذلك بقوله الصريح جل شأنه:? وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا?(الأعراف 56).