ـ(393)ـ ومن مظاهر الفساد في الحكم أيضاً؛ الظلم الذي يتصف به كثير من الحكام، أو تهاونهم في حقوق الناس أو في حمايتهم، أو في توفير الأمن لهم. ومن ذلك الدعاء المأثور: «الهم ول أمورنا خيارنا، ولا تول أمورنا شرارنا». أما الإدارة فإن أهم مظهر للفساد فيها، هو عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، مما يقتضي إسناد مناصب الدولة للأصهار والأقربين والأصدقاء والموالين، دون مراعاة للكفاءة أو القدرة أو الخبرة أو المؤهلات. وعندما يكون الأمر كذلك، يصاب أصحاب الكفاءات بالإحباط، ويذوي التنافس الشريف بين الناس، ويحرم المجتمع من اجتهاد المجتهدين وتسابق المجدّين، ويتراكم الإهمال وتفسد الأعمال. واما الفساد المالي؛ فإن أبرز مظاهره أكل أموال الناس بالباطل، ورشوة الحكام والموظفين لتسهيل ذلك واستساغته. وفي ذلك يقول رب العالمين: ? وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إلى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ?(البقرة 188). اما الفساد الاجتماعي فمظاهره كثيرة أيضاً، منها الغش والتزييف والرباء والتجارة فيما يضر المجتمع كالمسكرات والمخدرات وغير ذلك. ففي الغش عدوان على الناس بإعطائهم ما يحسبونه جيدا وهو فاسد، وقد قال سيد الخلق رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «من غشنا فليس منا»، وفي رواية: «من غش فليس منا». وكلتا الروايتين تحرمان الغش، وتنفيان الإسلام عمن يقترفه من المسلمين، وتنفيان الإنسانية عمن يقترفه من غير المسلمين. وليس شرطا ان يكون الغش في الأموال والمبيعات، فقد يكون في الزواج أو التعليم أو الفتوى أو غير ذلك. والتزييف نوع من الغش، ينسحب عليه ما ينسحب على الغش من منع